يسأل ويحصل الكفاية أو معظمها من مسئلته فهو من المساكين لكنه يعطى جميع كفايته ويغنى عن السؤال فإن قبل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس ولا يفطن له فيتصدق عليه) قلنا هذا تجوز وإنما نفي المسكنة عنه مع وجودها فيه حقيقة مبالغة في اثباتها في الذي لا يسأل الناس كما قال عليه السلام (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يغلب نفسه عند الغضب) وقال (ما تعدون الرقوب فيكم؟) قالوا الذي لا يعيش له ولد قال (لا ولكن الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا) وقال (ما تعدون المفلس فيكم؟) قالوا الذي لا درهم له ولا متاع قال (لا ولكن المفلس الذي يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ويأتي وقد ظلم هذا ولطم هذا وأخذ من عرض هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته حتى إذا نفدت حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم يصك له صك إلى النار) (فضل) ومكان ذا مكسب يغني به نفسه وعياله إن كان له عيال أو كان له قدر كفايته في كل يوم من أجر عقار أو غلة مملوك أو سائمة فهو غني لا حق له في الزكاة وبهذا قال ابن عمر والشافعي وقال أبو حنيفة ان لم يملك نصابا فله الاخذ منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) فجعل الغني من تؤخذ منه الصدقة ولا تؤخذ إلا من النصاب ولان هذا لا يملك نصابا ولا قيمته فجاز له الاخذ كالذي لا كفاية له ولنا ما روي عبد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الصدقة فسألاه شيئا منها فصعد بصره فيهما وقال لهما (ان شئتما أعطيتكما منها ولاحظ فيها لغني ولاقوي مكتسب) رواه أبو داود ورواه الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله وقال هذا أجودهما إسنادا ما أجوده من حديث ما أعلم روي في هذا أجود من هذا قيل له فالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي. قال لا أعلم فيه شيئا يصح قيل له يرويه سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سالم لم يسمع من أبي هريرة. والغنى يختلف فمنه غنى يوجب
(٣١٥)