وقمع المشركين فلا حاجة بنا إلى التأليف. وحكى حنبل عن أحمد أنه قال المؤلفة قد انقطع حكمهم اليوم والمذهب على خلاف ما حكاه حنبل ولعل معنى قول احمد انقطع حكمهم أي لا يحتاج إليهم في الغالب أو أراد أن الأئمة لا يعطونهم اليوم شيئا، فأما ان احتاج إليهم جاز الدفع إليهم فلا يجوز الدفع إليهم إلا مع الحاجة ولنا على جواز الدفع إليهم قول الله تعالى (والمؤلفة قلوبهم) وهذه الآية في سورة براءة وهي آخر ما نزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة من المشركين والمسلمين وأعطى أبو بكر عدي بن حاتم وقد قدم عليه بثلاثمائة جمل من إبل الصدقة ثلاثين بعيرا ومخالفة كتاب الله وسنة رسوله واطراحها بلا حجه لا يجوز ولا يثبت النسخ بترك عمر وعثمان اعطاء المؤلفة ولعلهم لم يحتاجوا إلى اعطائهم فتركوا ذلك لعدم الحاجة إليه لا لسقوطه (فصل) والمؤلفة قلوبهم ضربان: كفار ومسلمون وهم جمعيا السادة المطاعون في قومهم وعشائرهم فالكفار ضربان (أحدهما) من يرجى اسلامه فيعطى لتقوى نيته في الاسلام وتميل نفسه إليه فيسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة أعطى صفوان بن أمية الأمان واستنظره صفوان أربعة أشهر لينظر في أمره وخرج معه إلى حنين فلما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم العطايا قال صفوان مالي؟ فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى واد فيه إبل محملة فقال (هذا لك) فقال صفوان ان هذا عطاء من لا يخشى الفقر (والضرب الثاني) من يخشى شره ويرجى بعطيته كف شره وكف غيره معه، وروي عن ابن عباس ان قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فإن أعطاهم مدحوا الاسلام وقالوا هذا دين حسن وإن منعهم ذموا وعابوا، واما المسلمون فأربعة اضرب (قوم) من سادات المسلمين لهم نظراء من الكفار ومن المسلمين الذين لهم نية حسنة في الاسلام فإذا أعطوا رجي اسلام نظرائهم وحسن نياتهم فيجوز اعطاؤهم لأن أبا بكر اعطى عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر مع حسن نياتهما واسلامهما (الضرب الثاني) سادات مطاعون في قومهم يرجى بعطيتهم قوة إيمانهم ومناصحتهم في الجهاد
(٣٢٠)