الزكاة وغنى يمنع أخذها وغنى يمنع المسألة ويخالف ما قاسوا عليه هذا فإنه محتاج إليها والصدقة أوساخ الناس فلا تباح الا عند الحاجة إليها وهذا المختلف فيه لا حاجة به إليها فلا تباح له (فصل) وإن كان الرجل صحيحا جلدا وذكر أنه لا كسب له أعطي منها وقبل قوله بغير يمين إذا لم يعلم يقين كذبه ولا يحلفه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجلين اللذين سألاه ولم يحلفهما، وفي بعض رواياته أنه قال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فسألناه من الصدقة فصعد فينا البصر وصوبه فرآنا جلدين فقال (ان شئتما أعطيتكما) وذكر الحديث (فصل) فإن ادعى ان له عيالا فقال القاضي وأبو الخطاب يقلد ويعطي لهم كما يقلد في دعوى حاجته، قال ابن عقيل عندي لا يقبل قوله إلا ببينة لأن الأصل عدم العيال ولا تتعذر إقامة البينة عليه وفارق ما إذا ادعى انه لا كسب له فإنه يدعي ما يوافق الأصل لأن الأصل عدم الكسب والمال وتعذر عليه إقامة البينة عليه. ولو ادعى الفقر من عرف بالغنى لم يقبل قوله الا ببينة تشهد بأن ماله تلف أو نفذ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تحل المسألة إلا لثلاثة رجل أصابته فاقة حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو - سدادا من عيش) وهل يعتبر في البينة على الفقر ثلاثة أو يكتفى باثنين؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يكفي الا ثلاثة لظاهر الخبر (والثاني) يقبل قول اثنين لأن قولهما يقبل في الفقر بالنسبة إلى حقوق الآدميين المبنية على الشح والضيق ففي حق الله تعالى أولى والخبر إنما ورد في حل المسألة فيقتصر عليه وان لم يعرف له مال قبل قوله ولم يستحلف لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستحلف الرجلين اللذين رآهما جلدين، فإن رآه متجملا قبل قوله أيضا لأنه لا يلزم من ذلك الغنى بدليل قول الله تعالى (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) لكن ينبغي أن يخبره أن ما يعطيه من الزكاة لئلا يكون ممن لا تحل له الزكاة. وان رآه ظاهر المسكنة أعطاه منها ولم يحتج أن يبين له شرط جواز الاخذ ولا أن ما يدفعه إليه زكاة
(٣١٦)