يمنع حسبما تحرر في محله، بل من باب لزوم الحكم الآخر: وهي حرمة الجماعة.
وهذا ليس من الأصل المثبت، لأنه الحكم المترتب على الحكم، أو على نفي الحكم، سواء كان رفعا واقعيا، أو ظاهريا، أو ادعائيا، وهو ظاهري يترتب عليه الآثار الواقعية.
وهكذا لو كان مقتضى جريانها بالنسبة إلى الشبهة الحكمية في مثل اشتراء الماء، لزوم اشتراء الماء والتوضؤ. وهذا في صورة احتمال الحرمة التكليفية محضا، دون الوضعية كي تختلف فيه الصناعة، فإن لازم جريانها وجوب الاشتراء بالضرورة، وهو خلاف الامتنان.
ولا تكفي البراءة العقلية بالنسبة إلى شبهة الحرمة في المثال المذكور، لأنه لا بد من كون الاشتراء مباحا ومرفوع التكليف واقعا، أو ظاهرا، أو ادعاء، وهذا لا يثبت بالبراءة العقلية.
فإذا ثبتت إباحة الاشتراء يجب، لانحصار الماء بما في يده المحتملة حرمته تكليفا، لأجل شبهة لا ترتفع باليد وغيرها، فلا تخلط. فلما أفاده وجه وتقرير غير واصل إليه أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم.
وإليك تقريب آخر: وهو أن حديث الرفع، ليس مشرعا لحكم آخر شرعي ولو كان إباحة، فلو كانت البراءة موجبة لتشريع حكم آخر فلا تجري، لأنه رفع، لا وضع وجعل، فلو شك في حرمة التصرف في ماله الموجب لإباحة التصرف في مال الغير - كحفر البئر في داره - فإنه لا تجري البراءة عن مثل هذه الحرمة.
وتوهم: أن مقتضى الدليل الاجتهادي منع التصرف في مال الغير، فلا تصل النوبة إلى البراءة، كما ترى في كلام القوم اعتراضا عليه (رحمه الله) (1)، غير تام، لأنه يمكن