وأما الأحكام الوضعية فهي اعتباريات خارجية، ككون زيد مالكا، أو حرا، أو زوجا، حسب التعابير السوقية، وهكذا البيع سبب، أو الصلح سبب لكذا، فإن هذه الأمور وإن لم تكن على نعت القانون، أو كانت أحيانا قانونا من المقنن النافذ، ولكن هو على سبيل القضايا الحقيقية، فإذا تصدى زيد لإيجاد سبب الملك، يصير مالكا بذلك السبب للمسبب المعقود عليه، من غير أن يكون ذلك اعتبارا خاصا شخصيا.
فقوله تعالى: * (وأحل الله البيع) * (1) ناظر إلى أن ما هو البيع الخارجي نافذ دون مفهومه، وهكذا قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الصلح جائز بين المسلمين " (2) وغير ذلك.
وغير خفي: أن الانتزاعيات بين ما تكون من خارج المحمول، فلا تنالها يد الجعل، كالعلية والمعلولية، والذهنية والخارجية، والمادية والمجردية.
وبين ما لا تكون إلا اعتبارا، كالسببية والمسببية، والحجية والجزئية، وغير ذلك، فإنها تنالها يد الجعل الاستقلالي والتبعي، أي تبعا للأمر الغيري، أو النهي الغيري بالنسبة إلى شرطية العدم، فيجوز أن يقال ويصح أن يعبر: " بأن الله أحل سببية البيع والصلح، أو جزئية السورة، وشرطية الوضوء " وهكذا، وينتقل المكلف إلى لزوم إتيانها في طي المركب أو المركبات الاختراعية، بأن يعتبر عدة أمور مختلفة الوجود والمقولة تحت عنوان واحد واسم فارد، فيقول بحسب الثبوت: " إن هذا المركب الكذائي حج " أو " صلاة " أو " جعلت هذه الأمور صلاة " أو " اعتكافا " فإذا ورد الأمر بإتيانها يجب اتباعه، فلا يلزم ثبوتا امتناع ومشكلة عقلية، فيظهر فساد مقالة " الكفاية " (3) وأتباعها (4).