علة، أو قيدا - تجوز الإشارة إلى الماء الخارجي فيقال: " هذا كان نجسا، والآن كما كان " وأما في القسم الثاني فحيث يكون الحكم الشرعي تابع الحكم العقلي، فما هو مصداق موضوع الحكم العقلي، إما يكون مرددا في اشتماله بقاء على الخصوصيات المبينة عند العقل في حكمه أولا، أو معلوما زوال تلك الخصوصية، وعلى التقديرين لا حكم للعقل، فلا يكون قطعا حكم للشرع، كي يشك في بقائه ويتردد الأمر من هذه الجهة.
مثلا: الحيوان المؤذي الذي لا نفع له موضوع حكم العقل بوجوب قتله، أو الحيوان غير المؤذي النافع موضوع حكمه بحرمة إحراقه وقتله، لأجل القبح والحسن، وقضية الملازمة ثبوت الحكم الشرعي.
وهذان القيدان مقومان في مرحلة تعلق الحكم بالعنوان، وفي مرحلة سرايته إلى الخارج، فإذا شك في بقاء عدم مانعية الحيوان الأول المشار إليه خارجا، لا يعقل - مع تردد العقل - احتمال بقاء الحكم المستكشف التابع، وبطريق أولى إذا علم زوال نفعه في الحيوان الثاني، لأن حكم العقل قد انتفى، فكيف يحتمل بقاء الحكم الشرعي؟!
فمجرى الاستصحاب هو الحكم الشرعي المستكشف، لا موضوع حكم العقل، ولا نفسه، بل هو حكم الشرع، فكما لا يصح استصحاب بقاء اتصاف هذا الحيوان بأنه المؤذي غير النافع، كي يثبت به حكم العقل، ثم حكم الشرع، كذلك في نفس حكم الشرع.
أقول: سيمر عليك ما هو التحقيق الحقيق بالتصديق، وقد تحرر في مواضع من هذا الكتاب، كبحوث التجري (1) وغيره، إلا أنه - مع قطع النظر عما هو الوجه الصحيح - يجوز أن يوجه إليه: