الاستصحاب، لقوله: " لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت " فإن كلمة " فشك " تفيد اتصال زمان الشك باليقين، بخلاف كلمة " ثم " فإنها للانفصال، فلو تخلل اليقين الآخر، ثم شك، يجوز التعبير المذكور. هذا مع أن الدقة المذكورة تأتي في كبرى الروايات السابقة.
وثانيا: مضافا إلى البحث في اشتمال الأفعال على الأزمان، إن حذف متعلق اليقين والشك - مع تعلقهما بشئ، لأنهما من الأوصاف ذات الإضافة - ربما كان لإفادة اعتبار الاستصحاب والقاعدة، فإن الشك في البقاء غير دخيل في حجية الاستصحاب، وتعريفه: " بإبقاء ما كان " (1) تعريف بأردأ الوجوه، نعم هو من تبعاته خارجا بل المعتبر سبق اليقين، ولحوق الشك الزماني أو الرتبي.
وفي حجية الاستصحاب الاستقبالي إشكال لو انحصر الدليل في هذا التعبير، بل والرتبي، بناء على الانحصار. بل في جملة من الاستصحابات، لأن معنى اليقين غير العلم، فإنه لا يستعمل بالنسبة إلى الله تعالى، لأنه العلم الحاصل عن نظر واستدلال، فاغتنم، وسيأتيك ما ينفعك (2).
وثالثا: إن دليل المسألة قوله (عليه السلام): " فإن الشك لا ينقض اليقين " ولا يأتي عليه ما أورده على الجملة الأولى، وذلك إما لفهم العرف، أو لأن عكس النقيض من القضايا المعتبرة، وعكس نقيض هذه الجملة هو: " أنه ينقض اليقين غير الشك " وقد أوضحنا المسألة في ذيل قاعدة " لا تعاد... " (3) حيث ورد: " أن السنة لا تنقض الفريضة " ومما ذكرناه تظهر مواضع ضعف كلمات القوم حسب الصناعة، كما تبين ضعف إشكال الشيخ (رحمه الله) (4).