وهذا من غير فرق بين الجزء الثابت بعد الأمر بالمركب، أو الجزء الثابت حين الأمر بالمركب، ضرورة أن المقنن يعتبر الذوات أجزاء المركب قهرا وطبعا، وليس عنوان " الجزئية " والوصف العنواني للجزء، متأخرا عن الأمر، أو السبب، أو الموضوع للحكم العقلائي، فلاحظ، وتفصيله في مقام آخر.
إن قلت: حديث رفع النسيان يرجع إلى حديث رفع المنسي لا بعنوانه، لما ورد: " رفع ما نسوه " فإذا ترك السورة فهي منسية، وهو ما نسوه، فيكون النسيان علة لرفع ذات المنسي.
قلت أولا: لازمه أنه لو نسي الصلاة في الوقت بتمامه فلا قضاء عليه إذا لم يتذكر بعد الوقت، لأن الصلاة منسية، ولا قضاء على وليه، ولا يخرج الحج من أصل ماله.
وثانيا: إن التصرف في حديث الرفع غير جائز، وقوله: " رفع ما أخطأوه " أو " نسوه " (1) ليس إلا رفع ما له الأثر الشرعي مباشرة، والمفروض أنه نسي ذات السورة، ولم ينس الجزء، لأن نسيان الجزء عين نسيان الجزئية، ونسيان السورة وهي جزء غير نسيان الجزء بعنوانه، فلاحظ جيدا.
ومما يشهد على ما ذكرنا: أنا إذا نظرنا إلى نسيان حكم الميتة وشرب الخمر وحرمة القمار، يصح أن يقال: " إنه أكل وشرب وقامر نسيانا " أو يقال: " الأكل والشرب والميسر منسيات " فإنه على التعبيرين يجري حديث الرفع، بخلاف ما إذا ترك السورة، فإنه إذا قيل: " ترك السورة نسيانا " لا يجري الحديث، لأن ترك السورة لا حكم له شرعا، بل بطلان المركب بترك الجزء حكم العقل ودركه، وإذا كانت السورة منسية يمكن توهم الجريان.