القاعدة الثانوية.
وقد وقع الخلط في كلمات القوم هنا، وذلك لأن القاعدة الأولية هي الأدلة المقتضية لمشروعية المركبات أو وجوبها، من غير النظر إلى حال من الأحوال الطارئة، كالنسيان، والخطأ، والعجز، والاضطرار، والإكراه.
والقاعدة الثانوية هي الأدلة المتعرضة لحال من تلك الأحوال الطارئة بالنسبة إلى المركب، أو مجموع الأحوال على نحو الدلالة اللفظية، كما ترى في قاعدة حديث الرفع وغيرها، وهكذا في رواية: " الصلاة لا تترك بحال " (1) فإنها من أدلة القواعد الثانوية، لتعرضها للأحوال الطارئة من الاضطرار والعجز والإكراه والنسيان وغيرها.
فعلى هذا، لا يكون الاستصحاب المتمسك به هنا من أدلة القواعد الثانوية، ضرورة أن مجراه هو إبقاء وجوب المركب، فلا بد أولا من كون المتعذر بوجه يصدق معه عنوان المركب على الباقي، وأنه لا يكون متعرضا للحال الطارئة من العجز وغيره من موارد جريانه محققا أو فرضا، فإن من الممكن إهمال دليل المركب، وطرو العجز بالنسبة إلى الجزء الذي يكون لدليله الإطلاق، أو يمكن أن يصل المجتهد إلى معارضة الإطلاقين، فيتمسك بالاستصحاب الحكمي وهكذا، فمثل الاستصحاب الحكمي هنا مثل إطلاق دليل المركب، فإن مجرد كون مفاد الحجة وجوب الناقص، لا يلزم منه كونه من القواعد الثانوية، فاغتنم.
وإن شئت قلت: إن هناك أنظارا ثلاثة:
الأول: في مقتضى القواعد الأولية الاجتهادية.
والثاني: حول مقتضى القواعد الفقهائية والأصول العملية.