أقول: قد مر في المجلد الأول وجه حل هذه المشكلة وأشباهها (1)، وأن تمام الإشكال ناشئ من توهم الخطاب الشخصي بالنسبة إلى شخص الناسي، أو عنوان " الناسي " وحيث إن الخطابات الإلهية كلية قانونية لا تختص بالذاكر، ولا بالعالم والعاجز وغير ذلك، فالأمر متوجه إلى كل من الذاكر والناسي، وكل منهما بصدد تطبيق المأمور به على المأتي به، وبصدد إيجاد المركب التام، فلا يلزم بطلان المركب الناقص العبادي، من ناحية فقد الأمر اللازم مثلا في عبادية العبادات وقربية المقربات، وإنما يلزم البطلان من جهة الإخلال بالجزء.
فإن كان لدليل المركب إهمال، بمعنى كفاية صدق المركب - على الأعمي - على المأتي به، ولم يكن لدليل الجزء إطلاق، فلا إعادة، ولا قضاء، ولا تكون الذبيحة محرمة، والعقد باطلا، حسبما تحرر منا في صورة الشك في الجزئية في مبحث البراءة على وجه لا يلزم المثبتية (2). مع أن لنا نظرا خاصا في أدلة النسيان، بل والبراءة حال الجهالة.
وإن كان لدليل المركب إطلاق بالمعنى الذي ذكرناه، يلزم البطلان ولو كان دليل الجزء مهملا.
وإن كان في حال إهمال دليل المركب دليل الجزء مطلقا، فيلزم البطلان وعدم تحقق المركب. ولو كان له الإهمال فالأمر كما تحرر أولا.
ولو كان دليل المركب مطلقا، بمعنى كفاية المسمى، ودليل الجزء مطلقا، بمعنى الركنية، فإطلاق دليل الجزء مقدم، ضرورة أنه - حسب الأظهر - ناظر إلى حدود المركب والمأمور به، وإلى بيان مهندسية طبيعة المأمور به وطبيعة السبب،