لا يتجه التمسك بالحديث في اثبات ما قالوه، وليس هو بمظنة بلوغ حد الاجماع ليغني عن طلب الدليل فإن جمعا منهم لم يذكروه أصلا، وصرح بعضهم بالتوقف فيه لا لما قلناه بل استضعافا لطريق الخبر وهو من الغرابة بمكان.. إلى آخر كلامه (قدس سره).
أقول: ويمكن أن يؤيد ما ذكره من احتمال حمل الخمس هنا على غير المعنى المشهور ما تقدم في أول الكتاب في صحيحة عبد الله بن سنان (1) من قوله عليه السلام " ليس الخمس إلا في الغنائم " بحمل الغنائم في الخبر على المعنى الأعم كما قدمنا بيانه وشددنا أركانه، وهو أظهر الاحتمالين في معنى الخبر كما قدمنا ذكره ثمة، ومن الظاهر أن ما نحن فيه هنا لا يدخل تحت الغنائم. وكذا يؤيد ذلك ما تقدم في المقام الرابع في الغوص من الأخبار الدالة بظاهرها على حصر ما فيه الخمس في خمسة أشياء ولم يذكر منها هذه الأرض.
إلا أن ما ذكره (قدس سره) من أن رأي مالك كان هو الظاهر في زمن الباقر عليه السلام لا يخلو من شئ، فإن مذهب مالك في زمن وجوده ليس إلا كمذاهب سائر المجتهدين في تلك الأوقات، ومذهبه إنما اشتهر وصار له صيت مع مذهبي الشافعي وأحمد بن حنبل بعد الاصطلاح على تلك المذاهب أخيرا في ما يقرب من سنة خمسمائة وخمسين كما ذكره جملة من علمائنا وعلمائهم. نعم مذهب أبي حنيفة في وقته كان شائعا مشهورا وله تلامذة يجادلون على مذهبه.
وبالجملة فما ذكره المحقق المشار إليه لا يخلو من قرب، وقريب منه ما ذكره في المدارك حيث قال - بعد أن ذكر أن الرواية خالية من ذكر متعلق الخمس ومصرفه صريحا - ما صورته: وقال بعض العامة إن الذمي إذا اشترى أرضا من مسلم وكانت عشرية ضوعف عليه العشر وأخذ منه الخمس (2) ولعل ذلك هو المراد من النص. انتهى.