ولقائل أن يقول أن مورد تلك الأخبار الدالة على التصدق إنما هو المال المتميز في حد ذاته لمالك مفقود الخبر والحاق المال المشترك به مع كونه من ما لا دليل عليه قياس مع الفارق، لأنه لا يخفى أن الاشتراك في هذا المال سار في كل درهم درهم وجزء جزء منه، فعزل هذا القدر المعلوم للمالك المجهول مع كون الشركة شائعة في اجزائه كما أنها شائعة في اجزاء الباقي لا يوجب استحقاق المالك المجهول له حتى أنه يتصدق به عنه، فهذا العزل لا ثمرة له بل الاشتراك باق مثله قبل العزل.
فإن قيل: إنه متى كان المال مشتركا بين شريكين فإن لهما قسمته ويزول الاشتراك بالقسمة وتمييز حصة كل منهما عن الآخر.
قلنا: إنما صحت القسمة في الصورة المذكورة وذاك الاشتراك من حيث حصول التراضي من الطرفين على ما يستحقه أحدهما في مال شريكه بما يستحقه الآخر في حصته كما صرح به الأصحاب، فهو في قوة الصلح بل هو صلح موجب لنقل حصة كل منهما للآخر، وهذا غير ممكن في ما نحن فيه فقياس أحدهما على الآخر مع الفارق كما لا يخفى.
وأما القول الآخر وهو اخراج الخمس ثم الصدقة بالزائد في صورة الزيادة ففيه ما في سابقه بالنسبة إلى الصدقة بالزائد في الصورة المذكورة.
وبما ذكرنا يظهر أن الأظهر دخول هذه الصورة تحت اطلاق الأخبار المتقدمة وأنه لا دليل على اخراجها.
وأما إذا علم المالك دون القدر فإنهم قالوا الواجب في هذه الصورة هو التخلص منه بصلح ونحوه، فإن أبي قال في التذكرة: دفع إليه خمسه لأن القدر جعله الله مطهرا للمال. وفيه نظر فإن جعله مطهرا إنما هو من حيث عدم ظهور المالك ومعلوميته لا مع ظهوره. قال في المدارك: والاحتياط يقتضي وجوب دفع ما يحصل به يقين البراءة، ويحتمل الاكتفاء بدفع ما يتيقن انتفاؤه عنه. وعندي في هذه الصورة توقف من حيث احتمال ما ذكروه من وجوب التخلص منه بصلح ونحوه ومن