غلة البستان إنما هو ما عدا الأجناس الزكوية من الفواكه من ما يؤكل عادة ويفسد بعد نضجه وبلوغه لو لم يؤكل عاجلا، وإليه الإشارة بقوله عليه السلام " لا إذا كان يؤكل " أي لا تجب فيه الزكاة إذا كان من ما يعتاد أكله بعد نضجه والبلوغ إلى حده، ومثلها في ذلك حسنة محمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) (1) " في البستان تكون فيه الثمار ما لو بيع كان بمال هل فيه الصدقة؟ قال لا " فإن المراد به ما ذكرناه قطعا من تلك الفواكه التي لا تتعلق بها الزكاة، وإن لم يكن ما ذكرناه متعينا بقرينة الرواية الأخرى فلا أقل أن يكون مساويا لما ذكره وبه لا يتم الاستدلال. وأما حمل حسنة محمد بن مسلم التي ذكرها على ما ذكره من أن عدم وجوب الزكاة فيها لتعارف أكلها قبل بلوغها الحد المذكور فالظاهر أنه ليس كذلك بل الظاهر من جملة من الأخبار إنما هو لأمره صلى الله عليه وآله بعدم خرصها، فمعنى تركها في الخبر إنما هو عدم خرصها على أرباب النخيل، وستأتي الأخبار الصريحة الدالة على ما قلناه إن شاء الله تعالى في بعض المقامات الآتية.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنا لم نقف على حجة للقول المشهور يعتد بها وغاية ما استدل به العلامة في المنتهى دعوى تسمية الحب إذا اشتد حنطة وشعيرا وتسمية البسر تمرا وإن أهل اللغة نصوا على أن البسر نوع من التمر والرطب نوع من التمر.
ولم نقف على ما يدعيه من كلام أهل اللغة إلا على ما ذكره في القاموس في مادة (بسر) حيث قال: والتمر قبل إرطابه والواحدة بسرة. ولكن كلام أكثر أهل اللغة على خلافه واحتمال التجوز في كلامه قائم كما لا يخفى على من تأمل كتابه قال في الصحاح في ثمر النخل: أوله طلع ثم خلال ثم بلح ثم بسر ثم رطب ثم تمر.
وقال في المغرب: البسر غوره خرما. وقال في كتاب مجمع البحرين: قد تكرر في الحديث ذكر التمر هو بالفتح فالسكون اليابس من ثمر النخل. وقال الفيومي في كتاب