عليه السلام (1) " أنه ذكر صدقة الفطرة أنها تجب.. إلى أن قال صاع من تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعير أو صاع من ذرة " فنقص من هذه الرواية البر وزيد الذرة، وكان الواجب عليه أن يعد الذرة أيضا لصحة الخبر ولعله لم يقف عليه.
وفي صحيحة معاوية بن وهب (2) " جرت السنة بصاع من تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعير " وقد ترك الحنطة مع أنه في مقام البيان لما جرت به السنة.
وفي رواية عبد الله بن المغيرة (3) قال: " يعطى من الحنطة صاع ومن الشعير صاع ومن الأقط صاع " وفي صحيحة الحلبي (4) " صاع من تمر أو نصف صاع من بر " وفي صحيحة عبد الله بن سنان (5) " صاع من حنطة أو صاع من شعير " إلى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبع.
ولولا الحمل على ما ذكرناه من مجرد التمثيل وذكر الأفراد في الجملة لكانت هذه الأخبار مختلفة متضادة، وإذ كل منها ورد في مقام البيان لما يجب اخراج الفطرة منه، وحينئذ فتحمل تلك الأخبار على ما حملنا عليه هذه لاختلافها كما عرفت بالزيادة والنقصان والتغيير والتبديل، على أن صحيحة سعد بن سعد ليست واضحة الدلالة على ما ادعاه فإن الأجناس المذكورة إنما ذكرت في السؤال، وصحيحة معاوية بن عمار بالدلالة على القول المشهور أشبه، لأن تخصيص أصحاب الإبل والغنم بالأقط مشعر بأن ذلك من حيث كونه هو القوت الغالب عندهم كما تضمنه آخر رواية الهمداني.
وبذلك يظهر قوة القول المشهور بين المتقدمين والمتأخرين وانطباق الأخبار عليه، ويضعف ما اعتمد عليه وصار إليه وإن تبعه فيه من تبعه من غير تأمل ولا تدبر في المقام. ومنه يظهر أن جميع الأخبار كلها متفقة الدلالة على القول المشهور بحمل مطلقا على مقيدها ومجملها على مفصلها. والله العالم.