وما ذكره من القياس على عتقه في الكفارة - إشارة إلى صحيحة أبي هاشم الجعفري الواردة بذلك (1) قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قد أبق عنه مملوكه أيجوز أن يعتقه في كفارة الظهار؟ قال لا بأس به ما لم يعرف منه موتا " ففيه (أولا) أن التسوية بين صحة العتق ووجوب الفطرة لا دليل عليه إذ لا ملازمة بينهما ولا ترتب للثاني على الأول. و (ثانيا) بامكان الفرق بين الأمرين، فإن العتق اسقاط ما في الذمة من حقوق الله تعالى وهي مبنية على التخفيف بخلاف الفطرة فإنها ايجاب مال على مكلف لم يثبت سبب وجوبه عليه.
أقول: والتحقيق في الاحتجاج للقول المشهور والرد على ابن إدريس هو أن يقال إن وجوب الفطرة تابع للعيلولة كما اخترناه وذكرنا أنه مدلول الأخبار المتقدمة، أو لو جوبها كما قدمنا نقله عنهم، وانتفاء الأصل على ما ذكرنا ظاهر، وعلى ما ذكروه هو عدم معلومية الوجود فكيف يخاطب بوجوب الانفاق عليه وهو لا يعلم حياته؟.
ولا يخفى أن الظاهر من كلامهم كما قدمنا لك من كلام الشيخ والمحقق أن محل الخلاف في المسألة هو مفقود الخبر الذي لا يعلم حياته ولا موته، وهو الذي اختلف الأصحاب في حكمه بالنسبة إلى ميراثه وزوجته وأوجبوا في ميراثه وزوجته طلب أربع سنين، وهو الذي تضمنته صحيحة الجعفري المتقدمة التي استند إليها ابن إدريس ورتب حكم الفطرة عليها، فما ذكره في المدارك من أن محل الخلاف في هذه المسألة غير محرر حتى أنه احتمل أن يكون محل الخلاف مطلق المملوك الغائب الذي لا يعلم حياته - ليس بجيد.
وبالجملة فهنا أمران: أحدهما - ما ذكرناه من مفقود الخبر الذي لا يعلم له حياة ولا موت. وثانيهما - من كان غائبا وأخباره تأتي في أغلب الأوقات فإنه يحكم بوجوده وقت الفطرة مثلا وإن كان ذلك غير معلوم قطعا لغيبته وبعده عملا