متى علم تناثر جسده بالمس اكتفى بالصب إذا لم يتناثر جسده بالصب ومتى علم تناثر جسده بالصب اكتفى بالتيمم. وهو جمع حسن بين الروايتين المذكورتين، إلا أن في قبول عبارة الصدوق وعبارة كتاب الفقه التي منها أخذت عبارة الصدوق وإن كان بالمعنى اشكالا، حيث إن ظاهر الأولى وصريح الثانية أنه مع خوف التناثر بالمس ينتقل إلى الصب وإن حصل به التناثر، ولهذا أمر (عليه السلام) بجعل ما يسقط منه مع الصب في أكفانه ولم يأمر بالتيمم، والمراد بالصب هنا هو ما يعبر عنه بالنضح تارة والرش أخرى وهو مقابل للغسل الذي يحصل به الجريان. وكيف كان فالظاهر أن الأحوط بل الأقوى ما هو المشهور من التفصيل الذي ذكره في المعتبر.
بقي هنا شئ وهو أن السيد السند قال في المدارك بعد الطعن في رواية عمرو ابن خالد التي هي مستند الحكم بالتيمم في المسألة بضعف السند باشتماله على جماعة من الزيدية: فإن كانت المسألة اجماعية على وجه لا يجوز مخالفته فلا بحث وإلا أمكن التوقف في ذلك، لأن ايجاب التيمم زيادة تكليف والأصل عدمه خصوصا إن قلنا أن الغسل إزالة النجاسة كما يقوله المرتضى، وربما ظهر من بعض الروايات عدم الوجوب أيضا كصحيحة عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي الحسن (عليه السلام) (1) في الجنب والمحدث والميت إذا حضرت الصلاة ولم يكن معهم من الماء إلا بقدر ما يكفي أحدهم، قال:
" يغتسل الجنب يدفن الميت ويتيمم الذي هو على غير وضوء لأن الغسل من الجنابة فريضة وغسل الميت سنة والتيمم للآخر جائز " انتهى. أقول: لا يخفى أن الراوي لهذه الرواية في كتب الأخبار إنما هو عبد الرحمان بن أبي نجران لا عبد الرحمان بن الحجاج كما ذكره هنا، وهو أيضا قد ذكر هذه الرواية في بحث التيمم في مسألة اجتماع الجنب والميت والمحدث ونقلها عن عبد الرحمان بن أبي نجران. وأما ما وصفها به من صحة السند فإن كان نقله لها من التهذيب فهي ليست بصحيحة لأن في طريقها في الكتاب المذكور محمد بن عيسى