الأظهر، أما جهة كونها حكمية فللأخبار الكثيرة الدالة على تعليل وجوب غسل الميت بخروج النطفة منه، وقد تقدمت في باب غسل الجنابة في مسألة وجوب الترتيب (1) وأما جهة كونها عينية فللأخبار الدالة على وجوب غسل الملاقي لجسد الميت بعد برده وقبل تطهيره بالغسل، وهي صحيحة الحلبي ورواية إبراهيم بن ميمون المتقدمتان (2) - فاشكال ينشأ من أن الأصل كون هذا الغسل كغيره من الأغسال الرافعة للحدث في كونه بتمامه سببا تاما في رفع النجاسة الحكمية ولهذا وجبت فيه النية كغيره من الأغسال وحينئذ فوجوب الغسل بالمس ثابت إلى أن يحصل كمال الغسل لعدم صدق اسمه عليه قبل اكماله، ومن صدق كمال الغسل بالنسبة إلى ذلك العضو، ولأنه لو كان منفصلا لما وجب الغسل بمسه قطعا فكذا مع الاتصال، لعدم تعقل الفرق ولأصالة البراءة من وجوب الغسل. والظاهر ضعفه. فالأقرب حينئذ هو الوجوب. نعم ينقدح هنا اشكال آخر وهو أن مقتضى القواعد الفقهية أن طهارة المحل من الخبث تحصل بانفصال الغسالة عن المغسول ولا يتوقف بعدها على تطهير جزء آخر كما عرفت، فعلى هذا إذا أكمل غسل عضو وجب الحكم بطهارته من الخبث بحيث لا يجب غسل اللامس له، ولو توقف طهارة ذلك العضو من الخبث على طهارة المجموع لزم مخالفة القاعدة المشار إليها. وحينئذ يبعد الحكم بوجوب الغسل بمسه دون غسل العضو اللامس، إذ لم يعهد انفكاك الغسل عن الغسل إلا على ما يأتي إن شاء الله تعالى من مذهب الشهيد في ايجابه الغسل بمس العظم المجرد مع أنه قد يكون طاهرا من الخبث لأنه مما لا تحله الحياة، وسيأتي بيان ضعفه إن شاء الله تعالى والتحقيق في المقام هو الموقوف على ظواهر الأخبار المتقدمة، وقد دلت على أن مس الميت بعد برده وقبل غسله موجب للغسل والمتبادر منه كمال الغسل، وحينئذ فما لم يكمل غسله لا يحصل مصداق الأخبار المذكورة، واستبعاد انفكاك الغسل عن الغسل غير مسموع في مقابلة الأخبار المذكورة، وحينئذ فالأظهر هو وجوب الغسل بمس العضو
(٣٣٨)