وأما كون الثالثة بدعة فلأنها غير مشروعة، فكان اعتقاد شرعيتها إدخالا لما ليس من الدين فيه، وذلك هو معنى البدعة. ولأن القول بالثالثة مع القول بالمسح على الرجلين مما لا يجتمعان، والثاني ثابت لما بيناه (1) فينتفي الأول، وبيان عدم الاجتماع الإجماع.
لا يقال: قد روى الشيخ في الصحيح، عن داود بن زربي (2)، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوضوء؟ فقال لي: (توضأ ثلاثا ثلاثا) (3) وذلك يدل على استحباب الثالثة، إذ الوجوب منتف اتفاقا إلا من شذ.
لأنا نقول: أنه عليه السلام إنما أمره بذلك إذا كان في حال تقية (4)، ويدل عليه تتمة الحديث، وهو أنه قال: قال لي (أليس تشهد بغداد وعساكرهم؟) قلت: بلى قال: (كنت (5) يوما أتوضأ في دار المهدي (6) فرآني بعضهم وأنا لا أعلم به فقال:
كذب من زعم أنك فلأني وأنت تتوضأ هذا الوضوء) قال: فقلت: (لهذا والله أمرني).
احتج المخالفون (7) بما رواه ابن عمر، فقال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله