أسقط حقه في القود وإذا عفى عن القود بقي حكمه في القسم الآخر وهو الدية وبالله تعالى التوفيق * واما قولهم إن التخيير زيادة في النص ولا تجوز الزيادة في النص الا بما يجوز به النسخ فصحيح والنسخ جائز لما في القرآن بقرآن أو سنة ثابتة بخبر الواحد وهو جائز أيضا للسنة بالقرآن وبخبر ثابت من طريق الثقات أيضا، فلو انهم احتجوا على أنفسهم بهذا القول حيث زادوا على النسخ بالاخبار الواهية لكان أولى بهم كالوضوء بالنبيذ ولا مسح على الجبائر والتدليك في الغسل، وكايجاب الديات في كثير من الأعضاء بقياس أو رواية ساقطة أو تقليد بغير نص وبالله تعالى التوفيق * وأما روايتهم ذلك عن عمر بن الخطاب فلا تصح لأنها عن عمر بن عبد العزيز. عن عمر ابن الخطاب ولم يولد عمر رحمه الله تعالى الا بعد موت عمر رضى الله تعالى عنه بنحو سبع وعشرين سنة، ولو صح لكان الثابت عن ابن عباس خلافا له * وأما تعلقهم (1) في قول الله عز وجل: (فمن عفى له من أخيه شئ) ان الضمير راجع إلى القاتل فدعوى كاذبة ومحال لا يجوز لأنها دعوى بلا دليل وتكلف ظاهر البطلان مع أنه خلاف لقول المالكيين منهم لان في الآية (فاتباع بالمعروف وأداء إليه باحسان) فقالوا هم: بل نتبع بضرب مائة سوط ونفى سنة بلا نص أوجب ذلك أصلا ولا رواية عن صاحب ولا يشك ذو فهم ان المعفو له من ديته في أخيه هو القاتل وأما ولى المقتول فلم يعف له شئ من أخيه وحتى لو كان معناه ما تأولوه بالباطل لكان مخالفا لأقوالهم لأنه لا يوجب ذلك مراعاة رضى الولي بل كان يكون الخيار حينئذ للقاتل فقط وهذا لا يقوله أحد على ظهر الأرض لأهم ولا غيرهم فصح ان تأويلهم في الآية محال باطل ممتنع لا يحل القول به أصلا والحمد لله رب العالمين * واما اعتراضهم في خبر أبي هريرة بأنه قد روى فيه أيضا أما ان يقاد واما أن يفادى أهل القتيل فصحيح وهو معنى ثالث وبه نقول وهو اتفاقهم كلهم القاتل وأولياء القتيل على فداء القاتل بأكثر من الدية ولا يحل ترك شئ مما صح ولا ضرب بعضه ببعض فهذا هو التلاعب بالدين وكيد الاسلام جهارا ونعوذ بالله من ذلك، وليس ترك الصحيح مما في ذلك الخبر من أن يقاد أو يودى من أجل ما قد صح أيضا من أن يقاد أو يفاد بأولى من آخر خالف الحق فترك قوله عليه الصلاة والسلام أن يفادى من أجل قوله أو يودى وكل ذلكم باطل، فصح ان اخذ كل ذلك وضم بعضه إلى بعض هو الحق الذي لا يجوز خلافه، واما اعتراضهم في خبر أبي شريح برواية سفيان بن أبي العوجاء فسفيان مجهول لا يدرى من هو، ثم العجب
(٣٦٧)