على الاثم والعدوان) ولقوله تعالى: (لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك) وهذه هي المضارة حقا، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لا يرحم الناس لا يرحمه الله " رويناه من طرق شتى متواترة في غاية الصحة، منها من طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله البجلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم * وأما قولنا: فان مات أبو الرضيع أو أفلس أو غاب بحيث لا يقدر عليه أجرت الام أيضا على ارضاعه إلا أن لا يقبل ثديها أو لا يكون لها لبن أو كان لبنها مما يضر به فإنه يسترضع له غيرها فلما ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا متصلا به نصا ويتبع الأب بذلك إن كان حيا وله مال لان الحق عليه في ذلك * وأما قولنا فإن لم تكن مطلقة لكن في عصمته أو منفسخة النكاح منه أو من عقد فاسد بجهل أو أم ولد أعتقت فاتفق أبوه وهي على استرضاعه وقبل غير ثديها فذلك جائر فلقول الله عز وجل: (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم) وهذا خطاب من الله تعالى لمن الأولاد لهم وهم الآباء والأمهات بلا شك * وأما قولنا فان أراد أبوه ذلك وأبت الام الا أن ترضعه هي فلها ذلك فان أرادت هي أن تسترضع له غيره وأبى الولد لم يكن لها ذلك وأجبرت على ارضاعه فلان إرادة الأب والام لم يتفق على الاسترضاع له ولم يجعل الله تعالى ذلك الا بإرادتهما وأما قولنا إلا أن لا يكون لها لبن أو كان لها لبن يضر به فعلى الوالد حينئذ أن يسترضع له غيرها فإن لم يقبل في كل ذلك إلا ثدي أمه (1) أجبرت على ارضاعه إن كان لها لبن لا يضر به فلما ذكرنا آنفا من قوله تعالى: (لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده) مع سائر ما ذكرنا في ذلك الفضل * وأما قولنا فإن كان لا أب له إما بفساد الوطئ زنا أو إكراه أو لعان أو بحيث لا يلحق بالذي تولد من مائه، وإما قد مات أبوه فالأم تجبر على ارضاعه فلقول الله تعالى: (ولا تضار والدة بولدها) ولما ذكرنا مع هذه الآية في ذلك الفصل * وأما قولنا: إلا أن لا يكون لها لبن أو كان لها لبن يضر به أو ماتت أمه أو غابت حيث لا يقدر عليا فسترضع له غيره سواء كان في ذلك كله للرضيع مال أو لم يكن فلما ذكرنا من قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) وما أوردنا في وجوب الرحمة * وأما قولنا فإن كان له أب أو أم فأراد الأب فصاله دون رأى الام أو أرادت الام فصاله دون رأى الأب فليس ذلك لمن أراده منهما قبل تمام الحولين كان في الفصال (2) ضرر بالصغير أو لم يكن، فان أرادا جميعا فصاله قبل الحولين فإن كان لا ضرر في ذلك على الرضيع فلهما ذلك فإن كان في ذلك
(٣٣٩)