كما أن تقديم " لا ضرر " على الأدلة الأولية بالشهرة الفتوائية، أو بلزوم لغوية " لا ضرر " في صورة تقديم سائر الأدلة عليه، أو بأن نسبة " لا ضرر " إلى مجموع الأدلة عموم وخصوص مطلقان، أو بأن الأدلة الأولية بالنسبة إلى قاعدتي " لا حرج " و " لا ضرر " من الأحكام الاقتضائية، أو بأن قاعدة " لا حرج " مشتملة على كلمة * (في الدين) * فلا بد وأن تتقدم عليها، لكونها كالنص فيه، وقاعدة " لا ضرر " مخصوصة بتقدمها على قاعدة السلطنة، للتعليل بها عليها، فكلها - ولا سيما ما عدا الأخير - ساقط جدا، وضعيف بوضوح.
بل الميزان كيفية دلالة الأدلة، فإن أدلة الخمس والزكاة والوضوء والصلاة والكفارة والحج، لها نظارة على خاصة تنتهي إلى إفادة الملازمة بين الوجوب وتلك المواد، أو الحرمة ومتعلقاتها، أو باعثة نحوها، أو جاعلة لتلك المواد خاصية الجزئية والسلطنة والشرطية ولزوم الوفاء وضعا، ودليل " لا ضرر " و " لا حرج " له نظارة إلى النسبة بين تلك المواد ولوازمها وأحكامها التكليفية والوضعية، فلا حاجة إلى الشهرة، أو ملاحظة النسبة، أو اللغوية، أو غير ذلك. ولعل مقصود " الكفاية " (1) ذلك أيضا.
إذا تبينت حكومة قاعدة " لا حرج " و " لا ضرر " على قاعدة السلطنة، فتصل النوبة إلى نفس القاعدتين، فهل قاعدة " لا حرج " مقدمة على قاعدة " لا ضرر " في المسألة المذكورة، فتصير النتيجة بقاء السلطنة، نظرا إلى كونها من الكتاب، أو إلى تصريحه بكلمة * (في الدين) * الذي منه قاعدة " لا ضرر " وذلك لأن الكتاب مرجح في كثير من المسائل، أو مرجع، ولأن الصراحة مقدمة على الإطلاق، كما في تعارض العام والإطلاق؟