ولو قيل: مقتضى أخبار الاحتياط حجية الاحتياط.
قلنا: قد مر أنها لا تكون ناظرة إلى تعذير العبد عند ترك الاجتهاد والتقليد، بل هي إما إيجاب، أو إرشاد إلى حسنه المجتمع مع كونه مجتهدا ومقلدا، فليلاحظ ما سبق، وليس مفادها جعل الاحتياط عذرا عند التخلف بالضرورة (1).
فبالجملة: في صورة التمكن من الاجتهاد والتقليد فالاحتياط بالفعل والترك - ولو كان جامعا للمحتملات المنقدحة في نفسه - ليس حجة وعذرا، ولا يستحسن.
ولعل نظر القائلين بممنوعية ترك سلوك سبيلي الاجتهاد والتقليد على الإطلاق - حتى في التوصليات - إلى هذا الأمر (2).
بل في صورة العلم: بأنه لا شبهة في جواز رد السلام بالنسبة إلى شخص، ولكن لمكان احتمال وجوبه احتاط قبل الفحص والاجتهاد، يمكن إجراء الإشكال المذكور، لما مر من أن حجية العلم ليست ذاتية، وليست عذرا (3). مع أنه بعد الالتفات إلى ما ذكرناه لا يبقى له العلم كي يعتذر به.
كما يمكن إجراء الإشكال المذكور إلى المجتهد والمقلد المحتاطين بعد الاجتهاد والتقليد في خصوص مورد، فإنه يستند عملهما في خصوص ذلك المورد إلى الاحتياط طبعا، وهو غير قابل لأن يعتذر به.
نعم، إذا أتى بعمل حسب الاجتهاد والتقليد، وبالطرف الآخر حسب الاحتياط، يعد معتذرا بالنسبة إلى ترك الواقع، لاستناده إلى ما هو الحجة الإلهية.
وتصور ذلك في الأقل والأكثر أكثر إشكالا من تقديم الطرف على ما قامت عليه