فعلى هذا لا يقع التعارض بين ظهور الجزاء وظهور الشرطين الدالين على التعدد، لأن الأول بلا اقتضاء، دون الثاني.
وبعبارة أخرى: لو دل الدليل على أن المطلوب متعدد، لا يعارضه حكم العقل المزبور، بل يكون ظهور القضية الشرطية في تأثير الشرط مستقلا في الجزاء، رافعا حقيقة لموضوع حكم العقل بأن المطلوب واحد يحصل امتثاله بإتيانه مرة وواردا عليه، انتهى.
ولا أظن أنهم اتكلوا على أمثال هذه التخيلات في الاجتهاد المحتاج إلى استقرار الظهور في محيط العرف. مع أن كل واحد من الصدر والجزاء، لا ظهور لهما في الاستقلال والوحدة لفظيا، حسبما هو الواضح عندهم ومصرحين به، وإذا كان كل واحد بالإطلاق المصطلح في باب المطلق والمقيد، فلا مرجح لأحدهما على الآخر، والإطلاق الثابت للجزاء لا يثبت الوحدة ولا التعدد بمفهومهما الأولي.
ولكن مقتضى ذلك هو أن الوضوء تمام المطلوب، ولا شئ آخر دخيل، وعندئذ كيف يمكن تأثير السببين بإيراد الطلبين على الموضوع الواحد؟! فلا بد من أحد الأمرين حفظا للسنخية:
وهو إما إرجاع التعدد الثابت بإطلاق الصدر إلى الواحد بالوحدة النوعية بالحمل الشائع، لا بمفهومه.
أو إرجاع الجزاء إلى المتعدد بإيراد القيدين على الوضوء، حتى يحصل لكل مؤثر متأثر، ولا مرجح في البين.
وبالجملة: دعوى أن العقل يحكم بلزوم الوحدة في الجزاء، وإطلاق الشرط بيان بالنسبة إليه (1)، مدفوعة بدعوى: أن العقل يحكم بلزوم وحدة الشرط بعد حكمه بوحدة الجزاء، فيكون إطلاق الجزاء بيانا لإطلاق الشرط، ولإرجاع كل