وما هو مورد البحث هو القسم الأول، وهي التي للاستثناء، وتكون ممحضة فيه، وأما سائر معانيها أو ما يكون مورد الشبهة منها، فهو خارج عن محور الكلام في المقام، ضرورة أن محط البحث ما يكون للاستثناء عن الحكم، فلو رجع إلى قيد الموضوع فيكون من مفهوم الوصف، وقد مضى تفصيله (1).
وهم ودفع: حول سقوط البحث هنا بناء على إشكال الرضي على الاستثناء حكي (2) عن نجم الأئمة (رحمه الله) (3) أنه استشكل في " إلا " التي للاستثناء من الحكم السابق إخباريا كان أو إنشائيا: بأن في ذلك نوع مناقضة في الكلام، فإنه كيف يعقل إثبات الحكم ثم رفعه، أو رفع الحكم ثم إثباته؟! فلا تكون لفظة " إلا " إلا بمعنى " غير " ولا يستثني من الحكم شئ، بل هو من قيود الموضوع، فكما إذا قيل:
" العلماء إلا الفساق كذا " ليس هو استثناء من الحكم، بل هو قيد الموضوع، كذلك فيما إذا تأخر عن الحكم.
فعلى هذا يسقط البحث هنا، لأن استفادة الحصر - حسبما تحرر - منوطة بكون الجملة الاستثنائية مشتملة على " إلا " التي للاستثناء من الحكم الثابت للمستثنى منه، وإذا صح ذلك فلا يبقى محل للبحث المزبور.
أقول: الخلط بين الأحكام الإنشائية والإرادات الاستعمالية، وبين الأحكام الجدية والإرادات الواقعية، أوجب الوهم المزبور، ضرورة أن في قولك: " جاءني القوم إلا زيدا " إخبارا حقيقيا واستعماليا، وما هو يشمل المستثنى هو الثاني دون الأول.