إلا إطلاق الحكم المتعلق بها، وقد تقرر في محله: أن ما اشتهر من إطلاق المادة مع قطع النظر عن الحكم (1)، مما لا أساس له ولا يتصور، فما هو المطلق هو الحكم المتعلق بالمادة، وحينئذ للمتكلم أن يتكل على قرينة أولوية التأسيس على التأكيد حتى في غير ما نحن فيه.
فلو قال المولى في دليل: " توضأ " ثم أرسل في دليل آخر " توضأ " وأمر بالوضوء ثانيا، يدور الأمر بين التأسيس والتأكيد، والأول مقدم، وتصير النتيجة فيما نحن فيه تقديم الصدر على الذيل، لعدم ثبوت الإطلاق في ذيل كل واحد من القضيتين ذاتا.
وإن أبيت عن ذلك فلا أقل من الشك، فلا معارض لإطلاق الشرط والصدر كما لا يخفى.
لا يقال: لا معنى لأولوية التأسيس من التأكيد إلا إذا أريد من الأمر التأكيدي الأمر المستعمل في التأكيد، أو في الاستحباب، أو الإرشاد، وكل ذلك خطأ، وقد مر منا (2): أن الأمر التأكيدي ليس إلا مثل التأسيسي في المبادئ والإرادة، ولو اختلفا في ذلك للزم أن لا يكون تأكيد، فالتأكيد في مورد يتحد الأول والثاني فيه كما لا يخفى، وإذا كان كل واحد عين الآخر فلا معنى لأولوية التأسيس من التأكيد، لأن كل واحد من المثبتين وجوبي (3).
لأنا نقول: نعم، الأمر كذلك، إلا أن اختلافهما في التبعات والآثار، ضرورة أن الأمر الثاني - فيما إذا كان ينتزع منه التأكيد باعتبار وقوعه عقيب الأول مع