إيجاب إكرام طائفة منهم، أو فرد منهم، فهو ليس يعارض المفهوم عندنا، ولا المنطوق عند المتأخرين (1) بالقطع واليقين.
وبالجملة: لا إشكال إلى هنا في جهة مما ذكرنا، وإنما الكلام في بعض جهات اخر:
الجهة الأولى: في القضية السالبة المشتمل جزاؤها على ألفاظ العموم في أن القضية الواردة إذا كانت سالبة، وكان الجزاء مشتملا على ألفاظ العموم، بناء على القول بذلك، فهل يستفاد من تلك القضية العام المجموعي، أو الاستغراقي؟
مثلا: إذا ورد " إن جاءك زيد لا تكرم كل عالم " فهل مفاده النهي عن إكرام مجموع العلماء، أم النهي عن إكرام كل واحد منهم؟ وجهان لا يبعد الثاني.
وعلى كل تقدير: فهل يكون مفهومه العام الاستغراقي، أو المجموعي؟ مثلا إذا فرضنا أن مفاد قوله: " لا تكرم كل عالم " يكون العام المجموعي، فهل يمكن دعوى أن المفهوم هو العام الاستغراقي، ضرورة أن قوله في المفهوم: " إن لم يجئك زيد فأكرم كل عالم " ظاهر في العموم المزبور بالضرورة؟
أم لا يجوز ذلك، لأن المفهوم تابع المنطوق، وتابع الدليل القائم عليه، ولا يجوز الأخذ بظهور القضية المفهومة من القضية الملفوظة؟ كما عرفت منا في المباحث السابقة عند البحث عن أن مفهوم قولك: " إن جاءك زيد فأكرمه " هل هو حرمة الإكرام عند المجئ، أم نفي سنخ الحكم؟ وكان القول بالحرمة قويا، لأن الظاهر من المفهوم هو النهي، مع أنه ظاهر لا يجوز الأخذ به، لأنه ظهور استكشافي