ففي جميع هذه الصور الجزئية يكون حمل المطلق على المقيد واضحا، وتكون هيئة المقيد ظاهرة في التكليف التحريمي، وغيرها غير ظاهر أصلا، لقيام ما يصلح للقرينية، فترشد إلى تحديد مصب الإطلاق، ولذلك يقدم عليه في محيط التقنين والعقلاء بلا تأمل.
وهم ودفع لا شبهة في حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة بفروضها الجزئية إلا ما مر، ومنها ما إذا ورد في المثال المزبور بعد الأمر بعتق الرقبة " لا بأس بترك عتق الكافرة " إلا أن حمل المطلق على المقيد هنا مشكل، لأن العرف ينتقل من ذلك إلى مرجوحية عتق الكافرة بالنسبة إلى السائرين، فيكون كالنهي عن المهزولة بعد الأمر بذبح الشاة، مع قيام القرينة على عدم كونه للتحريم، فإن حمله على الكراهة المصطلحة بعيد إلا مع اقتضاء القرينة.
وإنما الشبهة والإشكال في أن حمل المطلق الوارد تقنينا كليا على المقيدات المختلفة الواردة حوله عقلائي، دون المطلقات والمقيدات الواردة في جواب الأسئلة الجزئية التي حان وقت العمل بها، وهذا هو كثير الدور في الفقه، فإنه كثيرا ما يتفق جواب سؤال في مورد خاص في زمان الباقر (عليه السلام) أو الصادق (عليه السلام) ثم ورد جواب سؤال آخر ينافيه بالإطلاق والتقييد، أفهذا الجمع هنا أيضا عقلائي، أم يحمل الثاني على النسخ، أم يعد الخبران متعارضين؟
وجوه، والكل بعيد إنصافا، ولا سيما الأخير.
وأما في دوران الأمر بين الأولين، فلا فرق بحسب النتيجة في حمل المطلق على المقيد بعد ورود القيد، والناسخ، إلا أن النسخ على ما يظهر لي معناه قريب جدا.