الحادي عشر: في دوران الأمر بين التخصيص والتخصص لو دار الأمر بين التخصيص والتخصص فماذا يقتضي الأصل؟
وبعبارة أخرى: هل التحفظ على أصالة العموم حتى المقدور - بأن لا يصير العام مورد التخصيص - لازم، أم لا، أو يفصل بين القول بالمجازية وعدمه؟
احتمالات، بل خلاف.
والذي هو التحقيق: أن مجرد المحافظة على العموم غير لازم بما هو هو، فلو ورد مثلا " أن كل نجس منجس " ثم ورد " أن ماء الاستنجاء لا ينجس شيئا " لا ملزم للقول: بأن ماء الاستنجاء ليس بنجس، أخذا بعكس النقيض، وقولا بأنه من العكوس المعتبرة والقضايا الصادقة، وكل ذلك لأجل انحفاظ العام عن التخصيص.
إن قلت: لا محيص عن ذلك إلا في بعض القضايا المهملة، كقولك: " إن الصلاة معراج المؤمن " أو " إنها تنهى عن الفحشاء " فإن في أمثال هذه القضايا لا عكس إلا مهملة، لأن الأصل مهمل كما تحرر، ولذلك ترى وجدانا أن الصلاة غير الناهية صلاة.
وأما في المثال الأول الذي فيه الحكم على السريان والاستغراق، ويكون العنوان الآخر أيضا من العناوين الكلية، فلا بد من الالتزام بأصالة العموم، والحكم بأن ماء الاستنجاء ليس بنجس.
وهكذا في مورد تكون القضية الثانية شخصية أو بمثابتها، فإنه عقلا يكشف حال الفرد، فإن عكس نقيض " كل عالم يجب إكرامه " " أن من لا يجب إكرامه ليس بعالم، فزيد ليس بعالم ".