قلت: نعم، هذا مجرد استحسان وذوق، وهل يجوز الاتكاء عليه على وجه يعد حجة بينك وبين المولى، بعد ورود الأخبار بطرح المخالف؟! ولا شبهة في صدقه على الأخص لغة وعرفا.
إن قلت: وبعدما أحرز بناء المعاندين على الدس والخلط، فما وجه تخصيص الكتاب بالمخالف المتواتر، أو المخالف المحفوف؟
قلت: ذلك لما مر من أن أصل صدور هذه الأخبار، دليل على انصرافها عن مطلق المخالف (1)، لقطعية التخصيص والتقييد بالآحاد في الجملة قبل صدورها، فكأنها تسوق الناس والفقهاء إلى المحافظة، وإلى تشخيص الصحيح من السقيم، بإعمال الجد والاجتهاد، وبالتفتيش عن حال الخبر، وعن قرائن خاصة توجب أنها صادرة عنهم (عليهم السلام) فإن الدس في الأخبار كان كثيرا، وفي هذا المحيط لا يجوز عند النقل والعقل الاتكاء على الخبر الواحد المجرد عن كل قرينة، فلا يجوز قياس محيط العرف والعقلاء بمحيط الشرع في تلك الأعصار، لأجل هذه المآثير الحاكية لنا اغتشاش الأخبار بيد عمال السلطان الجبار لعنه الله تعالى.
تذنيب: وفيه فذلكة وجوه منع التخصيص قد تحصل مما ذكرناه: أن للمناقشة في أصل هذه المسألة وأساسها، وجوها ثلاثة:
أحدها: إنكار وجود العام والمطلق في الكتاب الإلهي، وقد مر ما فيه (2).
ثانيها: ما أبدعناه، وهو إنكار وجود الخبر الواحد غير المحفوف بالقرينة في