حول اختيار الوالد المحقق لتعدد السبب والمسبب قد مضى في ذيل الوجوه السابقة: أن من الممكن أن يقال بتعدد السبب، حفظا لإطلاق الشرط، وتعدد المسبب وهو الوجوب، من غير أن يلزم تعدد المادة والوضوء، وبذلك يجمع بين الإطلاقين، والعرف لا يحكم إلا بأن عقيب كل سبب وجوب، وأما أن كل وجوب متعلق بموضوع على حدة فهو أمر آخر خارج عن مسألتنا، ولا يلزم من ذلك كون الوجوب الثاني مجازا أيضا، كما عرفت منا (1).
نعم، يلزم أن يكون الوجوب متأكدا، وهذا مما لا بأس بالالتزام به.
فما نسب إلى العقلاء من الحكم بعدم التداخل صحيح، إلا أنه لا يلزم منه عدم التداخل المقصود في الباب، وهو تعدد الطبيعة والوضوء في المثال المعروف، ولا داعي إلى دعوى تعدده بعد إمكان الأخذ بإطلاق كل واحد من الصدر والذيل.
وبالجملة: لا موجب للتصرف في أحد الإطلاقين.
أقول: هذه شبهة أوضحها السيد الوالد المحقق - مد ظله - وسد ثغورها بما لا مزيد عليه، إلى أن التزم بأن التمسك بأولوية التأسيس من التأكيد هنا غير تام، لإطلاق المادة، وهو رافع لموضوع قاعدة " التأسيس خير من التأكيد ".
ثم تعرض - مد ظله - للوجهين اللذين ذكرهما الشيخ (2) لتحكيم ذلك، وأن تعدد السبب ينتهي إلى تعدد المادة، وأجاب عنهما، ومن شاء فليراجع " تهذيب الأصول " (3) ولا حاجة لنا إلى الطواف حول ذلك أصلا.