اختلاف آثارهما باختلاف المواضيع.
الجهة الثانية: الفرق بين الإطلاق هنا وما في أبواب الأوامر والنواهي ليس المراد من " الإطلاق " في هذا المقصد، ما هو المراد من الإطلاق المتمسك به في أبواب الأوامر والنواهي، ويقال هناك: إن إطلاق الأمر يقتضي النفسية والعينية والتعينية، وإطلاقه يقتضي الوجوب الفعلي المنجز وغير ذلك، وهكذا في ناحية النهي، وقد مر منا مرارا الفرق بينهما في مواقف الخلط بين الإطلاقين، وذكرنا أن الإطلاق المقصود في تلك المقاصد والمباحث، يشبه الإطلاق المتمسك به لتعيين أحد المعاني في الاشتراك اللفظي.
فكما إذا كان لفظ ذا معان كثيرة، وكان إذا يستعمل ويراد منه واحد من تلك المعاني، يؤتى بقرينة خاصة، وإذا يراد منه معناه الشائع فلا تقام قرينة وجودية عليه، بل يكتفى حينئذ بالقرينة العدمية، فإنه في هذا الموقف يصح أن يقال: إذا أطلق المولى لفظة " العين " فهو يقتضي كونها الباصرة، وذلك لما استكشف من حاله بناؤه على الاعتماد على القرينة العدمية فيما أراد منها هذا المعنى، وتلك القرينة العدمية هي عدم الإتيان بالقرينة الوجودية الخاصة.
فهكذا الأمر هنا أي في الأوامر والنواهي، ضرورة أن المولى والعرف اتخذوا في إفادة الوجوب النفسي... إلى آخره - مع أن الهيئات موضوعة لمعنى يشترك فيه الندب والوجوب والنفسية والغيرية - طريقة خاصة، وهي إفادة هذه الحصة بعدم ذكر قرينة على الحصة الأخرى، وقد مر تفصيله في مباحث الأمر والنهي (1).
فعلى هذا يظهر: أن باب الإطلاق في تلك المباحث، باب الإلقاء والاستعمال