ولا يلزم من هذا كونها علة مخصوصة، بل تكون مع ذلك علة معممة ومخصصة، لعدم علية شئ آخر للتحريم.
وتوهم: أن جعل الحرمة على الخمر حينئذ لغو، ولا مصلحة فيه، فاسد لما مر منا مرارا: من أن الحكم الموضوع على طبيعة لا بد وأن يكون له منشأ ومصلحة، وأما لزوم كون نفس المتعلق ذا مصلحة أو مفسدة فهو ممنوع (1).
فتحصل: أن مفهوم التعليل من المفاهيم التي لا بد من البحث عنها، وإليه يرجع مفهوم الوصف والشرط لبا كما لا يخفى، وإرجاع الحكم المعلل المتعلق بذات الخمر مثلا إلى عنوان العلة، ثم إنكار مفهوم التعليل، بلا وجه بعد ظهور الكلام في أن الحرام هي الخمر.
نعم، لو اقتضى البرهان التصرف المذكور كان له وجه، ولكنك عرفت عدم تماميته، وقد أشرنا إلى براهين في خلال الأسطر مع دفعها، فليتأمل واغتنم جدا.
تذنيب: حول تعارض مفهوم التعليل مع المنطوق بعدما تبين مفهوم التعليل وثمرته وكيفية معارضته، فهل يقاوم المنطوق فيما كانت نسبة المعارضة التباين كما في المثال المزبور، فإن النسبة بين التعليل وبين قولهم (عليهم السلام): " ما كان كثيره يسكر فقليله حرام " هي التباين، ضرورة أن مفاد المنطوق حرمة كل مسكر، وقضية مفهوم العلة حلية كل ما ليس بمسكر، لأن ذلك مقتضى انحصار علة الحرمة بالإسكار؟
أم يقدم المنطوق عليه، أو يتعين هنا إنكار المفهوم؟ وربما يكون هو الأقرب.
ويمكن دعوى تقدم المفهوم، لأنه لو كان نفس كونه مفهوما سببا لتأخره تلزم