وأما الثاني: فلأن احترازية القيد غير القول بالمفهوم للقيد، ولو قلنا بالمفهوم فلازمه حرمته كما لا يخفى.
ومن هنا يظهر: أن ما في كلمات جل المتأخرين من توهم دوران الأمر بين كون القيد غالبيا، وبين كونه ذا مفهوم (1)، غير راجع إلى محصل، فافهم وتدبر.
تنبيه المطلق والمقيد تارة: يكونان عنوانيين، وأخرى: يكونان مورديين، فمن الأول * (أحل الله البيع) * (2) و " أحل الله البيع المعلوم " ومن الثاني " أحل الله التجارة " و * (أحل الله البيع) * فإن التجارة أعم منه، فإن حمل المطلق في الثاني على المقيد ممنوع عرفا، ولا بأس بكون التحليل الثاني توضيحا لحصة من التجارة.
ثم إن حمل المطلق على المقيد في الصورة الأولى لا لأجل القول بالمفهوم، بل لأجل دعوى: أن في الأحكام الوضعية، وفي باب الأسباب والمؤثرات العرفية والشرعية، يكون دليل القيد ناظرا إلى دليل المطلق، فلو ورد * (أحل الله البيع) * ثم ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " المبيع المعلوم حلال " يكون بحسب نظر العرف، أن النظر هنا إلى تحديد مصب المطلق السابق ولو كانا كلاهما من المطلقات الشمولية والأحكام الانحلالية.
وهكذا إذا ورد " الكلب نجس " ثم ورد " الكلب البري نجس " والالتزام بتعدد الحلية والنجاسة غير معقول، والحمل على التأكيد والتوضيح خلاف احترازية القيد، فتعين على هذا حمل المطلق على المقيد، على التفصيل الذي مر