إن قلت: لا يعقل الاستثناء المطلق، وذلك لأن الحكم الانشائي والإرادة الاستعمالية باقية على حالها بعد الاستثناء، وأما الحكم الواقعي والإرادة الجدية فهي غير شاملة من الأول، فلا يتعقل حقيقة الاستثناء لأجل ذلك، لا لأجل ما يستظهر من ظاهر عبارة نجم الأئمة (رحمه الله).
قلت: هذا السنخ من الشبهة والإشكال، متوجه إلى حديث الرفع (1) والاستثناء بالمنفصل، والجواب الجواب، فإن المقصود منه واضح، وهو أنه لولا كلمة الاستثناء - متصلة كانت، أو منفصلة - كان مقتضى أصالة الجد والتطابق وجوب إكرام الكل، فالاستثناء في الحقيقة معناه أنه لولاه لكان المستثنى منه يشمل مورد الاستثناء، وأما الاستثناء الحقيقي فهو من النسخ، بل هو غير معلول، ولعل إليه يرجع نظره (قدس سره) فافهم واغتنم.
التحقيق في ثبوت مفهوم الاستثناء إذا عرفت ذلك، وتبين حدود النزاع، وما يناط به البحث، فهل للجملة التي تشتمل على أداة الاستثناء من الحكم الثابت للمستثنى منه مفهوم، أم لا؟
وما هو القدر المتيقن من هذه الجمل، قولهم: " أكرم العلماء إلا الفساق منهم " في الجمل الإنشائية، أو " لا تكرم العلماء إلا العدول منهم " ومنه قوله (عليه السلام): " لا تعاد الصلاة إلا من خمس... " (2) وغير ذلك من أقسام الاستثنائيات؟
وإذا راجعنا الجمل الإخبارية نجد صحة نسبة الخبرين إلى من قال: " ما رأيت