الجهة الأولى: في أنها بسيطة أم مركبة فالذي هو المفروغ عنه بين النحاة (1) واللغويين (2) هو التركب، ولأجل ذلك لم يذكروها في اللغة إلا في كلمة " ما " الداخلة على " إن " الموجبة، لكفها عن العمل، وتكون هي مثل " أنما " بالفتح و " ليتما " و " لعلما " في عدم إفادتها الحصر، ولا تفيد إلا التوكيد.
وقال أبو حيان: " وفي ألفاظ المتأخرين من النحويين وبعض أهل الأصول:
أنها للحصر، وكونها مركبة من " ما " النافية دخل عليها " إن " التي للإثبات فأفادت الحصر، قول ركيك فاسد صادر عن غير عارف بالنحو " (3) انتهى.
والذي هو التحقيق في هذه المرحلة: أنها بسيطة بحسب الوضع، وإرجاع الكلمات البسيطة إلى المركبات أمر ذوقي ليس من الواقعيات، فيكون وضعها شخصيا لا نوعيا، وتخص بالوضع الخاص، بخلاف سائر المركبات.
وعلى هذا، فما اشتهر بينهم من التركيب بمعنى عدم اختصاص كلمة " إنما " أو " أنما " وأمثالهما بالوضع، في غير محله، والمسألة من هذه الجهة واضحة عند أهلها.
وتعرض اللغويين في مادة " ما " لكلمة " إنما " وإن يشهد على عدم إفادتها الحصر أحيانا، ولكنه لا يشهد على بساطتها بحسب أصل اللغة، فافهم واغتنم. ومن هنا يسقط ما في " الكفاية " (4) وغيره (5) من التمسك بتصريح أهل اللغة بذلك كما لا يخفى.