المبحث الثاني في مفهوم التعليل لم يذكر هذا المفهوم خلال المفاهيم، مع أنه أولى من بعض منها، فلو قيل:
" لا تشرب الخمر، لأنه مسكر " فكون الإسكار علة بلا إشكال، وكونه واسطة في الثبوت أيضا هو الظاهر، وإرجاع التعاليل الشرعية إلى قيود الموضوع وعناوين الأحكام، بلا وجه مع اختلاف الآثار.
وعلى هذا، فإن استفدنا من مقدمات الإطلاق أن العلة الوحيدة لحرمة الخمر هي الإسكار، فيلزم منه انتفاء سنخ الحكم، ويكون دليلا على عدم موجب لتحريمه إلا هذا المذكور في القضية، فلو ورد في مورد انتفاء العلة حكم تحريمها لجهة أخرى، تقع المعارضة بين الدليلين.
مثلا: في هذا المورد إذا استفدنا أن كل خمر تخص بحرمة، وتكون تلك الحرمة مستندة إلى الإسكار، ولا دليل آخر على حرمتها غير الإسكار، يلزم التهافت بينه وبين قولهم (عليهم السلام): " ما كان كثيره يسكر فقليله حرام " (1) فإن قليله إن لم يكن مسكرا فليس بحرام حسب المفهوم، ولا بد حينئذ من علاج المعارضة.