المرحلة الأولى: في تشخيص مصب التعارض في أن التعارض المتراءى بينهما هل يكون بين مفهوم كل مع منطوق الآخر، أم يكون بين المنطوقين، أم اختلاف المباني يوجب اختلافا في ذلك؟
قال الوالد المحقق - مد ظله -: " الظاهر هو الثاني على جميع المباني في استفادة المفهوم:
فعلى كون الدليل هو التبادر أو الانصراف، فالتنافي بين المنطوقين واضح، لأنه يرجع القضية كأنها إلى الصراحة: بأن العلة المنحصرة للقصر هو خفاء الأذان.
وعلى كون الدليل هو الإطلاق، فيقع التعارض بين أصالتي الإطلاق في الجملتين " (1) انتهى.
أقول: قد عرفت فيما مضى في التنبيه السابق: أن بعد ثبوت الإطلاق، وأخذ المفهوم، وبعد قابليته للتقييد عرفا مع الغفلة عن حال المنطوق، يكون مرجع التقييد هو إطلاق المفهوم حسب العرف، وإن كان يرجع إلى تقييد المنطوق حقيقة حسب الصناعة (2). هذا أولا.
وثانيا: للقائل بالتبادر والانصراف إنكار المفهوم عند تعدد الشرط، وكأنه يرى أن المتبادر من الأداة الشرطية أو الهيئة انحصار العلة حقيقة، فلو تبين ثبوت العلة الأخرى للمحمول في التالي، تبين سقوط تبادره وانصرافه. ولا يقول بتبادر الانحصار من مجموع العلتين، أو انصرافه منهما، فربما تختلف المسالك على اختلاف المباني، فينكر المفهوم رأسا من كان يستند في إثباته إلى مثل التبادر والانصراف.