في باب المطلق تكون الدلالة عقلية فعلية، فيحتاج هناك إلى تلك المقدمات، من غير الحاجة هنا إليها.
إن قلت: على كل تقدير يكون الحكم في العام على الأفراد، وفي المطلق على الطبيعة، فيحصل الفراق بينهما (1).
قلت: ليس هذه تفرقة جوهرية، ضرورة أن التفريق الصحيح الأساس هو كون العام حجة وضعية على عموم الحكم بالنسبة إلى جميع الأفراد، وأما كونها حجة إجمالا فهو مشترك معه المطلق أيضا قبل تمامية المقدمات.
وهم ودفع ربما يقال: بأن أداة العموم إما تدخل على الطبيعة المطلقة، أو المهملة، فإن دخلت على المطلقة فتفيد العموم والاستيعاب، إلا أنه مرهون بالإطلاق، وإن دخلت على المهملة فلا تفيد إلا الإهمال.
والسر في ذلك: هو أن أداة العموم ليست مورد الإخبار، وليس المضاف في قولك: " غلام زيد " كالمضاف في قولك: " كل انسان " فإن ما هو المخبر عنه في الأول هو الغلام المضاف، وفي الثاني لا يخبر عن مفهوم " الكل " المضاف، بل المخبر عنه هي الأفراد، فإن ثبتت مقدمات الحكمة يسري الحكم إلى جميع الأفراد، وإلا فلا (2).
ويندفع ذلك: باختيار الشق الثاني، وأن " الكل " موضوع للاستيعاب، والطبيعة المهملة القابلة للصدق على كل فرد تكون مورد الحكم في كل فرد منها، لأجل مفاد أداة العموم، فتوهم أن هذه الشبهة تورث تداخل المقصدين، في غير محله.