ثم إن السببين تارة: يمكن تقارنهما وجودا، كما في المثال الثاني، وأخرى:
لا يمكن تقارنهما في الوجود نحو المثال الأول، فإنه ربما يمكن دعوى حصول الفرق: بأن يكون في الصورة الأولى كل من المطلق والمقيد مقتضيا لما اقتضاه من الأثر، وفي الصورة الثانية يكون الثاني بلا أثر، إلا أنه مجرد تخيل، وإلا فمقتضى ما عرفت عدم الفرق، فإنه كما لا يمكن كونهما معا تأسيسيين، لا يمكن على التعاقب أيضا.
ثم إن ما مر في المقام الأول من اختلاف سبق المطلق على المقيد وبالعكس، واختلاف كيفية ورودهما، وغير ذلك، كله يأتي في هذه الصورة، ويظهر حكمه مما سبق (1).
الصورة الثانية:
إذا كان كل منهما مشتملا على السبب الوحيد نوعا، فالمعروف بينهم هو الحمل، معللين: " بأن وحدة السبب دليل على وحدة المسبب، فيحصل التنافي، فيؤخذ بالمقيد بحمل المطلق عليه " (2).
ولي فيه إشكال أشرنا إليه في المتوافقين: وهو أن مع العلم بوحدة الحكم لا موجب لتعيين الأخذ بالمقيد، لأنه يمكن أن يكون ذلك الحكم الواحد هو تمام مفاد المطلق، ويكون المقيد محمولا على الأفضل، وهذا مما خفي على الأفاضل والأعلام (قدس سرهم).