نعم، فيما يجوز التداخل عقلا يصح التعبد. ولو كان في مورد يحكم عرفا بعدم جواز التداخل، يمكن أن يحكم شرعا بالتداخل، لما لا يلزم منه المحذور كما لا يخفى.
التنبيه السادس: في استعراض بعض الشرطيات وبيان أحكامها قد تبين في أثناء البحوث السابقة: أن المفهوم المقصود هنا هي القضية المستفادة من المنطوق، حسب التقاريب الماضية (1)، وأنها متحدة مع القضية المنطوق بها في جميع القيود إلا في ناحية الكيف في الجزاء، وفي انقلاب الشرط في المقدم، فيكون مفهوم قولك: " إن جاءك زيد يوم الجمعة فأكرمه إكراما يليق به " " إن لم يجئك زيد يوم الجمعة فلا تكرمه " أو " لا يجب إكرامه على النحو المزبور " فالقيود المأخوذة في ناحية المقدم والتالي، كلها محفوظة في ناحية المفهوم أيضا.
ومن هنا يتبين: أن ما لو كان العنوان المأخوذ في الجزاء صرف الوجود، أو الطبيعة، أو العام المجموعي، يكون الأمر كذلك في ناحية المفهوم، فيكون مفاد قوله:
" إن جاءك زيد فأكرم مجموع العلماء " " أنه إذا لم يجئك زيد فلا تكرم مجموع العلماء " ويكون الشرط المزبور علة تامة منحصرة في القضية المذكورة لإيجاب إكرام مجموع العلماء، أو يكون قضية الإطلاق - على الوجه المحرر عندنا (2) - سببا لإيجاب إكرام مجموع العلماء، ولا يكون هناك سبب آخر يستتبع ذلك.
وإذا انتفى السبب ينتفي شخص الحكم بالضرورة، وسنخ الحكم حسب القول بالمفهوم، وتصير النتيجة انتفاء إيجاب إكرام المجموع، وأنه لا سبب لإيجاب إكرام المجموع وهو يجتمع مع وجود السبب لإيجاب إكرام بعضهم. فلو دل الدليل على