الصورة الثانية:
إذا ورد مطلق مشتمل على النهي، ثم ورد مقيد مشتمل على الأمر، فالحق هو الحمل على الإرشاد في صورة كون الأمر متأخرا، فإنه - حسب الأصل العرفي في المقام - إرشاد إلى تحديد مصب الإطلاق، ويكون من قبيل الأمر عقيب الحظر وإن كان منفصلا ومتعلقا بحصة من الطبيعة المنهي عنها، فإن الأمر حينئذ إلزامي إرشادي، وهذا هو سر تقديم المقيد على المطلق كما عرفت (1).
ومما ذكرنا هناك بتفصيل تظهر سائر الأحكام في المقام، وسائر النواحي والجهات المبحوث عنها، فلا تخلط، وتدبر جيدا.
نعم، إذا قلنا: بأن النكرة في سياق النهي تفيد العموم (2)، فيخرج من صور هذه الصورة الرئيسة ما إذا ورد النهي متعلقا بالنكرة بنحو " لا تعتق رقبة " و " لا تأكل ربا " ولكنك عرفت في موضع من الكتاب بطلان هذه المقالة حتى في النفي، فضلا عن النهي (3).
وربما يشكل أن يكون من الإطلاق ما إذا كان النهي متعلقا بأداة الموصول، نحو * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) * (4) لأن الموضوع له فيها إذا كان خاصا، يلزم انحلال الحكم بحسب الدلالة الوضعية، ومع ذلك يقدم المقيد عليه، وبذلك يظهر سقوط ما قيل " من أن وجه تقديم المقيد على المطلق، أن ظهور