وأما إذا وصلت النوبة إلى التردد بين الإرشاد وغيره، فيتعين - حسبما تحرر مقتضى الأصل العقلائي - في الإرشاد، وفي كونه مسوقا لتحديد مصب الإطلاق، وتوضيح حدود الإرادة الجدية، كما في العام والخاص المتأخر.
ومن هنا يظهر مواقف الخلط بين كلمات المتأخرين، حتى الوالد المحقق - مد ظله - (1) مع عدم تمامية طريقتهم في البحث، فإن اللازم أولا البحث عن حال المطلق والمقيد من غير فرض كون دليل القيد تحريما أو تنزيها، ثم البحث عن صورة العلم بأحد الوجوه والمحتملات.
بقي شئ: في حكم ما لو كان مفاد المطلق ندبا إذا كان دليل المطلق ندبا، فإن قامت القرينة على أن هيئة المقيد تحريما أو تنزيها أو إرشادا فهو.
ولو قامت القرينة على أنه للتنزيه بالمعنى الآخر، فيكون الإطلاق محفوظا.
ولو لم تقم القرينة على أحد الوجوه والمحتملات، فكون الأصل حمل المطلق هنا على المقيد مطلقا، غير واضح، ضرورة أنه فيما إذا ورد الأمر بالعقيقة، ثم ورد النهي عن المهزولة، يكون فهم العقلاء على أن المهزولة أقل ثوابا، بخلاف ما إذا ورد الأمر بمعاشرة العلماء، ثم ورد النهي عن معاشرة علماء السوء، فإنه تحريم.
وأما حمل الهيئة هنا على الإرشاد إلى تحديد مصب الإطلاق فقط، فهو مشكل، لأن السنن مما لا يهتم بها في القوانين، حتى يرد النهي لإفادة حدود المندوب فقط، فتدبر تعرف.