الطبيعة فهو ساكت، فلا تخلط وتدبر * (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) * (1).
فذلكة الكلام إن القول بالنسخ كان ضعيفا بين أبناء التحصيل (2)، بمعنى أن يكون البيع الغرري ذا مصلحة، ثم يصير ذا مفسدة، وأما بمعنى أن الشرع رضي به لأجل المصالح العالية السياسية والروحية، فإنه عليه يلزم صحته وعدم ابتلاء الناس بما لا مصلحة فيه، أو بما فيه بغض المولى ومفسدة المجتمع، وهذا أمر يرتكز عليه العقلاء أيضا كما لا يخفى.
وما ذكرناه يجري في جميع العمومات والمخصصات، والمطلقات والمقيدات، والمحكومات والحاكمات وغيرها، سواء تقدمت القرائن على ذيها، أو تأخرت عنها.
نعم، في صورة التأخر لا فرق بين الالتزام بالنسخ أو التخصيص والتقييد بمعناهما الاصطلاحي، لأن اللازم هو الأخذ بالمتأخر الأخص، ونتيجته حمل العام على الخاص، والمطلق على المقيد طبعا، وأما إذا انعكس فالأخذ بالمطلق أو العام المتأخر، أقرب إلى الأصول العرفية والقواعد الصناعية.
نعم، إذا لم يكن الفصل بينهما بمزيد من الزمان - بحيث لا يمكن احتمال اقتضاء السياسة الكلية العالية ذلك - كان القول بالحمل قويا، وهذا ما هو المعروف في الأصول السابقة، من أن التأخير عن وقت الحاجة يضر بالحمل، فافهم.