وثانيا: أن مفاد الهيئات ليس إلا البعث في الاعتبار الخارجي نحو المادة، ولا تدل على معنى كلي أولا، ثم يقيد ذلك المعنى الكلي - وهو الطلب - بمفاد المادة والمتعلق، بل هو إغراء وتحريك إلى جانبها.
وثالثا: لو فرضنا أنا نستفيد من الهيئة أو من قوله: " يجب " أن المطلوب محدود، فلا يزيد أيضا على القيود في الموضوع، لأن القيود في الموضوع أيضا دخيلة في تضييق الطلب لبا بالضرورة.
نعم، لو استفدنا منه أن المطلوب السيري محصور بما بينهما - على الوجه الأخير في تقريبنا - فيشكل، لأن مع ذلك إذا طلب منه السير بين الكوفة والمدينة، فهو مناقض لقوله الأول.
ولكن الشأن في استفادة ذلك من هذه العبارات، فإنه في التقديم والتأخير - بحسب الجملة الفعلية أو متعلقاتها - لا يلزم إلا حد الحكم، وهذا لا يورث انسلاب الحكم وانتفاء سنخه عما بعد الغاية، لأن ما هي الجهة الموجبة للإيجاب إلى الكوفة أو إلى المرافق، غير الجهة الموجبة للإيجاب ما بعد الكوفة، وعندئذ لا يلزم من الإيجاب الأول نفي مصاديق الوجوب عما بعد الغاية بالضرورة والقطع.
وبالجملة تحصل: أن القيد سواء كان حدا للموضوع أو الحكم، لا يوجب فرقا.
نعم، إذا كانت الغاية والابتداء ظرف حصر الطلب السيري بما بينهما، يثبت المطلوب، وهو انتفاء سنخ الحكم، إلا أنه ممنوع بحسب الإثبات، فتدبر.
تذنيب: حول وجه التفصيل بين كون المنشأ جزئيا أو كليا وجه التفصيل بين كون المنشأ جزئيا وكليا (1) ما مر في القضايا الشرطية، فإن