وقد مضى تفصيل هذه المسألة في بحوث اقتضاء الأمر للتكرار وعدمه (1)، وبعض المناسبات الاخر (2)، ولعله من المسائل الواضحة بالتأمل وإن خفي على بعض أهله، كما ترى.
إن قلت: مع وحدة الآمر وغفلته، يمكن الالتزام بتعدد الأمر التأسيسي في مفروض الكلام.
قلت: نعم، إلا أنه مضافا إلى امتناع الغفلة في الشرع الإسلامي، لا يخرج بذلك الأمر الثاني عن التأكيدي إلى التأسيسي، لما لا يترتب عليه آثاره من تعدد العقاب والثواب بعصيانهما. والقول بالاشتداد فيهما مجرد تخيل، لأنه لا بد من إثبات التعدد حتى يشتد، ولا شبهة عقلا ولا في نظر العقلاء بأن الثاني لا يستعقبه شئ من آثار الأمر التأسيسي.
نعم، إذا أمر الوالد بشئ، والأم بذلك الشئ يتعدد الأمر التأسيسي بالضرورة، كما يتعدد بتعدد المكلف والمأمور.
وتوهم: أن وحدة الطبيعة تستلزم وحدة المصلحة الباعثة للأمر، في غير محله، لأن أغراض الآمرين ربما تكون مختلفة حسب أوامرهم، كما لا يخفى. مع أن تعدد العقاب تابع لتعدد الأمر التأسيسي، وهو مع وحدة الآمر والمأمور والمأمور به غير ممكن، فتأمل جدا.
وربما يقال: إن من الممكن كون الطبيعة مهملة، وعندئذ مع وحدتها يمكن تعلق الأمرين التأسيسيين بهما (3).