المطلق تعليقي، وظهور المقيد تنجيزي (1)، وهنا بالعكس، ومع ذلك يقدم المقيد التعليقي على المطلق التنجيزي " بل تقديم قوله: " لا تكرم الفاسق العالم " على قوله:
" أكرم العلماء " يشهد على فساد هذا التخيل والتوهم، فاغتنم.
والسر كل السر: أن جميع الظهورات تعليقية حتى في العمومات اللفظية، بناء على عدم الاحتياج فيها إلى مقدمات الإطلاق، وذلك لأن مجرد تمامية الدلالة الوضعية غير كاف لتمامية الحجية، فإن من الشرائط جريان أصالة التطابق بين الإرادة الجدية والاستعمالية، بمعنى أن مجرد جعل الطبيعة تمام الموضوع لا يكفي، ومجرد إسراء الحكم في القضية إلى الأفراد بأداة العموم، أيضا لا يكفي ما دام لم يجر الأصل المزبور، ولا شبهة في أنه أصل عقلائي تعليقي، ضرورة أن العقلاء عند عدم القرينة يحكمون بالتطابق.
فعلى هذا، لا وجه لتقديم العام على المطلق، لكونهما حجتين معلقتين، وليست حجية العموم تنجيزية، وما هو تنجيزي ليس تمام الموضوع، فلا تخلط.
الصورة الثالثة:
إذا كان كل من المطلق والمقيد مشتملا على الأمر، وكان المطلق مقدما، فهل هنا يحمل المطلق على المقيد مطلقا، أم لا، أو يفصل؟ وجوه نشير إليها.
وقد فرغنا فيما مر من المقدمات عن وجود التنافي بين المثبتين، للزوم الجمع بين المثلين، كما يحصل التنافي بين المتخالفين، للزوم الجمع بين الضدين على حسب الاصطلاح (2)، وإلا فلا مثلية ولا ضدية واقعا بالذات بين الأحكام