وقبل الخوض في أصل المسألتين، لا بد من تقديم أمور لا بأس بها إيضاحا للمسألة، لما فيها النفع الكثير في الفقه:
الأمر الأول: حول المراد من " تداخل الأسباب والمسببات " المراد من " تداخل الأسباب وعدمه " هو أنه إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء، فهل في مقام التشريع والجعل يستلزم تعدد الشرط تعدد المشروط له، وهل يتعدد الحكم في التالي بتعدد المقدم، ويتعدد الإيجاب والجعل بتعدد السبب المذكور في المقدم، أم لا؟
فإن كان يستلزم تعدد السبب تعدد المسبب والمجعول تشريعا وجعلا، فهو يسمى ب " أصالة عدم تداخل العلل والأسباب " لأن كل سبب أثر في مسببه، واستعقب حكما يخصه.
وإن لم يستلزم ذلك، بل يكون السبب المتقدم مستتبعا للحكم في مرحلة التشريع دون التأخر، أو يستلزمان في صورة التقارن حكما واحدا وإيجابا وحدانيا، فهو يسمى ب " أصالة التداخل في الأسباب ".
والمراد من " تداخل المسببات وعدمه " هو أنه على تقدير القول بتداخل الأسباب، وأن السبب المتأخر لا يوجب شيئا، وفي صورة المقارنة يكون المجموع مؤثرا وسببا، فلا كلام ولا نزاع في مقام الامتثال، ضرورة كفاية الوجود الواحد والمصداق الفارد.
وأما على تقدير القول بعدم التداخل في مرحلة التشريع والجعل، وأنه يكون الوجوب مثلا متعددا بتعدد السبب والعلة، فهل في مقام الامتثال يكفي أيضا المصداق الواحد والامتثال الفارد، أم لا بد من الامتثالات حسب تعدد الأسباب، فالأول يسمى ب " تداخل المسببات " والثاني يسمى ب " عدم تداخلها ".