الثاني: في كيفية الجمع بين الدليلين في صورة كون النسبة مطلقا أو من وجه الجمع بين الدليلين اللذين تكون النسبة بينهما العموم المطلق، ممكن بالتقييد في كثير من المواقف والأطوار، وربما يلزم التكاذب بينهما والتعارض، كما أشير إليه، وهو في مورد تأبي الإطلاق عن التقييد لسانا، أو استلزام التقييد الاستهجان (1).
وأما الجمع بينهما بالتقييد فيما إذا كانت النسبة بينهما عموما من وجه، فهو في نوع المواقف والصور غير ممكن، ضرورة أن ترجيح أحدهما على الآخر بلا مرجح.
نعم، إذا كان ترجيح أحدهما على الآخر، مستلزما لمحذور عقلي أو عرفي مما أشير إليه، دون الآخر، فقد ذهب الأعلام هناك إلى الجمع بينهما بالتقييد (2)، مثلا إذا كان ترجيح أحدهما على الآخر مستلزما لخروج المورد، أو للتخصيص الأكثر، أو يستلزم اللغوية، يكون المتعين ترجيح الآخر عليه إذا لم يستلزم شيئا.
مثلا: إذا وقعت المعارضة بين مفهوم دليل الكر (3)، ومنطوق روايات سائر المياه (4)، وتكون النسبة بينهما العموم من وجه، لا يمكن ترجيح أحدهما على الآخر. والقول بأقوائية المنطوق من المفهوم (5) مما لا سبيل إليه كما تحرر. فحينئذ إن ترجيح سائر الأدلة على مفهوم الكر، لا يستلزم التقييد الأكثر حتى يكون التقديم مع مفهوم الكر، بخلاف عكسه، فإن تقديم مفهوم الكر عليها يستلزم إلغاء عناوين