هذا المجال على الحكم المذكور. وأولوية ما ذكره الأصحاب وأحوطيته مع عدم دليل عليه - بل دلالة الأخبار على خلافه - ممنوعة. على أنه لم يتحقق الاجماع على ذلك، وإنما ذكر هذا الحكم جملة من المتأخرين بناء علي مزيد تدقيقهم في أمر النية التي لا أثر لها في الأخبار بالكلية وبنحو هذه الأخبار عبر الشيخ في النهاية، فقال: فإذا زالت الشمس اغتسل وصلى الظهر والعصر جميعا يجمع بينهما ثم يقف بالموقف ويدعو لنفسه ولوالديه...
إلى آخره. وبهذه العبارة عبر في المبسوط أيضا. وبنحو ذلك عبر ابن إدريس في السرائر فقال: فإذا زالت اغتسل وصلى الظهر والعصر جميعا، يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين لا جل البقعة، ثم يقف بالموقف ويدعو... إلى آخره. وقال في المقنعة: فإذا زالت الشمس يوم عرفة فليغتسل ويقطع التلبية ويكثر من التهليل والتحميد والتكبير، ثم يصلي الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين.. إلى أن قال: ثم يأتي الموقف. وقال في كتاب من لا يحضره الفقيه نحو ذلك أيضا في باب سياق مناسك الحج. وهذه العبارات جارية على نهج الأخبار لا تعرض فيها للنية فضلا عن مقارنتها لأول الزوال كما ذكره جملة من المتأخرين، وهو من ما ينبهك على ما قدمنا تحقيقه وأوسعنا مضيقه من أن النية أمر جبلي وحكم طبيعي لا تنفك عنه أفعال العقلاء في عبادة ولا غيرها. وأما ما ذكروه من المقارنة فلا وجه له ولا دليل عليه، إذ النية عندنا مستصحبة لا ينفك عنها في حال من الأحوال، وهو إنما يتمشى على ما تخيلوه من النية بالمعنى الذي صاروا إليه الذي هو عبارة عن الحديث النفسي والتصوير الفكري بما يترجمه قول القائل:
(افعل كذا لوجوبه قربة إلى الله تعالى) وهذا كما تقدم تحقيقه بمعزل عن