أكثر ومتعته أكمل ممن لحق بالليل، ومن أدرك بالليل يكون ثوابه دون ذلك وفوق من يلحق يوم عرفة إلى بعد الزوال. والأخبار التي وردت - في أن من لم يدرك يوم التروية فقد فاتته المتعة - المراد بها فوت الكمال الذي يرجوه بلحوقه يوم التروية. وما تضمنت من قولهم (عليهم السلام): " ويجعلها حجة مفردة " فالانسان بالخيار في ذلك بين أن يمضي المتعة وبين أن يجعلها حجة مفردة إذا لم يخف فوت الموقفين وكانت حجته غير حجة الاسلام التي لا يجوز فيها الافراد مع الامكان حسبما بيناه، وإنما يتوجه وجوبها والحتم على أن تجعل حجة مفردة لمن غلب على ظنه أنه إن اشتغل بالطواف والسعي والاحلال ثم الاحرام بالحج يفوته الموقفان. ومهما حملنا هذه الأخبار على ما ذكرناه لم يكن قد دفعنا شيئا منها. انتهى كلامه زيد مقامه.
أقول: وهذا الكلام جيد في حد ذاته إلا أن انطباق الأخبار عليه في غاية الاشكال، وإن كان أصحابنا قد تلقوه بالقبول في هذا المجال، فإن الأخبار الدالة على التوقيت بيوم التروية قد دلت جملة منها على أنه بعد انقضاء يوم التروية فلا متعة له بل يجعلها حجة مفردة، فقوله -: إن المراد بفوات المتعة يوم التروية فوات الكمال - لا يلائم الأمر بالعدول إلي الافراد الذي هو حقيقة في الوجوب.
وأما قوله في الجواب عن ذلك -: إنه محمول على غير حجة الاسلام، وإنه مخير في ذلك بين أن يمضي المتعة وبين أن يجعلها حجة مفردة - ففيه أولا - مع عدم ظهور قرينة على الحمل على غير حجة الاسلام، وكذا على التخيير الذي ادعاه - أن ظاهر الأمر بالعدول إلي حجة الافراد - بناء على تسليم ما ذكره - يقتضي أن الأفضل هو الافراد إن جاز المضي على التمتع، مع أن الروايات قد استفاضت بأفضلية حج التمتع في مثل هذه الصورة، وعاضدها اتفاق